Thursday 25 December 2014

• ”المشكلة ليست هي المشكلة ، بل هي سلوكك تجاه المشكلة.“ — Johnny Depp


بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين ..












على الرغم - والمقربين مني يعرفون ذلك جيداً - من ضحالة معرفتي وضآلة إلمامي بالأفلام والمسلسلات والسينما عموماً ، العنوان هو عبارة أعجبتني للممثل الشهير جوني ديب في دور جاك سابارو ، كما قلت لا أعرف شيءاً حول ذلك ، بدليل أنني إلى وقت قريب جداً ظننت أن هذه العبارة منسوبة لآلبرت آينشتاين قبل أن أتأكد فوجدت أنها للممثل الشهير ، ولا أعرف في أي عمل قيلت تلك العبارة ، لكنها جملة جميلة جداً وذكية ..

لعل السيد جوني في هذا القول قد لخص كثير مما أريد قوله حول الموضوع ، والحقيقة إن كثرة النقاشات حول ذلك صراحةً كانت شيءاً ما مشجعةً للعقل كي يفكر أكثر ويخرج بما يخرج به ، وأتمنى أن ما ستقرؤون ينال على شيء من إعجابكم ..

قبل الدخول في صلب الموضوع أقول ، شخصياً - وهذه وجهة نظري المتواضعة والتي قلتها مراراً والتي لا ألزم أحداً بها - لا أعيب على أي مدرب أن يختار استراتيجية لعب معينة ، خصوصاً إذا كانت دفاعيةً ، حتى ولو بالغت في الدفاعية ووصلت إلى ما أريد التحدث عنه ، وهو حول ’ركن الحافلة‘ أو ’Parking the bus‘، هذه الاستراتيجية ، كيفية التصرف أمام هذه الاستراتيجية ، لكن قبل الخوض في غمار ذلك ، دعوني ألقي قليلاً من الضوء حول هذه الاستراتيجية في اللعب ، لن أسهب في تعريفها لكن سأتحدث قليلاً .










هناك من قال أن مصطلح ’ركن الحافلة‘ هو مصطلح وُلد من أب برتغالي وهو السيد جوزيه مورينيو ، في الليلة الشهيرة حيث خسر إنتر بهدف نظيف ضد برشلونة في إياب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا 2009/2010 على كامب نو واحتفل ’المو‘ بتلك الطريقة الشهيرة بعد أن أطاح بالبارسا ووصل إلى نهائي بيرنابيو قبل أن يتوّج باللقب الأهم لأندية أوروبا الكبرى ..

وبعد مراجعة لويكيبيديا قرأت أن المصطلح ظهر قبل ذلك في مباراة بين توتنهام وتشيلسي في 2004 ، شخصياً لا أعتقد أن 2004 شهدت الولادة الحقيقية لهذا المصطلح ، وتقريباً هناك إجماع حول أن هذه الاستراتيجية وُلدت أو على الأقل ظهرت بصورة أوضح في تلك المباراة الشهيرة بين برشلونة وإنتر ، والتي بالمناسبة لم تشهد فقط ولادة هذه الاستراتيجية بل شهدت أيضاً ولادة العداوة الكبيرة والتي لا تزال قائمة لدى قطاع كبير من مشجعي البارسا بينهم وبين السيد جوزيه ، لكن ليس ذلك موضوعنا ..

الاستراتيجية في ظاهرها بسيطة ولكن تطبيقها يحتاج عملاً ذهنياً يكاد يفوق العمل التنظيمي والتكتيكي ..

’ركن الحافلة‘ أو ’Parking the bus هي استراتيجية يتم بها تكوين جدار دفاعي مزدوج ، الأول من الرباعي المعروف أو ربما خماسي أو سداسي ، والثاني من خماسي ( أمام الرباعي ) ، أو رباعي ( أمام الخماسي ) أو يتكون من 3 لاعبين ( أمام السداسي ) ، وأمام هؤلاء التسعة مهاجم وحيد يبعد بشكل ملحوظ عن هذه ’الحافلة‘ من اللاعبين ..






والحقيقة أن السيد مورينيو هو الرجل ربما الأشهر في اتباع هذه الاستراتيجية ؛ لأنه من خلالها استطاع تحقيق أهم النتائج في مسيرة الفرق التي دربها سواء نتائج مؤثرة في تحقيق الألقاب أو حتى نتائج مؤثرة في منح الفرق التي يدربها بعض الثقة دفاعياً وبناء الاستقرار الدفاعي ، الأمر الذي يطمح ’المو‘ إلى ترسيخه في أول موسم له مع فرقه .





بالمناسبة هناك من يخلط بين مفهوم هام جداً في كرة القدم الحديثة خصوصاً وبين هذه الاستراتيجية ، المفهوم هو ترابط الخطوط دفاعياً أو الــ’Compactness‘ ، هناك تشابه شكلياً ربما لكن في المضمون والنية هناك اختلاف ، الترابط هو الطريقة التي يصطف بها الفريق دفاعياً من أجل إغلاق المنافذ مع نية واضحة للارتداد ، ويفعل ذلك آتلتي ، لم يركن آتليتي الحافلة بشكل عام طوال الموسم الماضي وحتى الآن في الحالات الطبيعية ، أقول لم يفعل لوجود نية واضحة للارتداد ، وقد فعل ذلك أيضاً ريال مدريد ذهاباً وإياباً أمام باييرن ..






كما أن الترابط يشمل ثمانية لاعبين ، وليس تسعة ، ومن خلال العدد تتضح النية بشكل واضح ، لاعب واحد إضافي في المقدمة بتواجد الوحيد في استراتيجية ركن الحافلة يضمن للفريق إمكانية الارتداد ، خصوصاً إذا ما كانت عملية ارتداد الفريق سريعة بتواجد لاعبين يمتلكون هذه السرعة .










في لقاء أجريَ مع الأسطورة يوهان كرويف في عام 2008 يتحدث بها عن المنتخب الهولندي في يورو ذلك العام ، قال عبارة رائعة ، كعادة السيد يوهان الذي بصراحة يرفض التوقف عن إعطاء الدروس لجمهور اللعبة الأجمل ، يقول :


”حينما تمتلك الكرة يجب عليك أن تجعل الملعب أكبر ما يمكن ، وحينما تفقد الكرة يجب أن تجعل الملعب أصغر ما يمكن.“


لذلك ربط عقلي بين جملة السيد جوني وبين حديث السيد يوهان ، سلوك برشلونة أو الفرق التي تعاني أمام الخصوم ’الراكنة لحافلاتها‘ هو المشكلة ، ركن الحافلة لا يمكن أن يكون عقبة كبيرة إلا بإسهام كبير وواضح منك أنت ، لا يجب على المرء منا أن يلقي باللوم على آخرين بسبب مشكلة أحدثها بنفسه أو على الأقل هو شريك كبير بها ، اللوم والخلل - برأيي المتواضع - هنا كما قال جوني - أو جاك - هو في السلوك وطريقة التعامل مع المشكلة ..

العجيب في الأمر أن من قال هذه الجملة هو كرويف الأب الروحي لأسلوب البارسا ، ونجد من يخالف هذا الأسلوب هو مبدأ أصيل بل ومحل فخر لدى كثير من الكتلان العشاق لهذا الأسلوب وهو مبدأ امتلاك الاستحواذ في نصف ملعب الخصم ، الأمر الذي يمثل مخالفةً صريحةً لمبدأ كرويف ، وهي في حصر مساحة اللعب أثناء الاستحواذ على نصف ملعب الخصم فقط ، بينما يقول كرويف "اجعل الملعب أكبر ما يمكن" !

من هذا المنطلق أعتقد أن الحل بسيط ، ولا يخلو من الخطورة ، وخطورة ربما أقل من خطورة اللعب في منتصف ملعب الخصم ، وهي تأخير عملية تدوير الكرة أو الــ’Ball circulation‘ لأن تصبح أدنى ما تكون هي على أقل تقدير 30-40 متر أمام حارس المرمى - بافتراض أن الخط الذي يقسم الملعبين يبعد عن الحارس 50 متراً - مع سقوط بعض لاعبي الوسط للخلف لمساعدة الفريق على الحفاظ على الكرة وتبادلها سريعاً ، لاستدراج الخصم وإخراجه من مناطقه ، وهنا تكمن هذه الخطورة حيث تتم دعوة الخصم - ’Inviting pressing‘ - كي يطبق ضغطه ، ولكن ما أن يتم التخلص من الضغط يصبح بالإمكان أن يتم إرسال كرة مفاجئة طويلة إلى أحد الأروقة أو حتى إلى العمق ..






بدلاً من أن تأخذ تلك عملية التدوير الشكل المعتاد ، يركن الفريق الخصم حافلته ، وينتشر الفريق الذي يحاول تفكيك تلك الحافلة بانتشار أشبه بحرف ’U‘ ويتناقل الكرات حوالي هذه الحافلة دون فائدة حقيقية ..

بالمناسبة ، ما حدث في مباراة باييرن وماينس ( في الصورة أعلاه ) جعلني أتعاطف بعد طول عدم استحسان مع نظام لا أحبه بصراحة ومنذ فترة وهو 4-2-3-1 ، سر هذا التعاطف هو أنه بتواجد لاعبي ارتكاز - بيير هويبرغ (#34) وباستيان شفاينشتايغر (#31) في المباراة - سيكون سقوط هذين اللاعبين ولعبهما في مناطق متأخرة أمراً عادياً معتاداً بالنسبة لهما مما يسهل عملية تبادل الكرات في منطقة الثلث الثاني أو الــ’Middle third‘ أكثر ..






إذن برأيي المتواضع ، تحطيم الحافلة هو ليس في محاولة تحطيمها ، تحطيمها يكون أسهل بكثير في تحريكها ، تفكيكها ، تمديدها ، شدّها ، أو ما شئت من الكلمات المؤدية للمعنى .







في نفس المقابلة ، كرويف قال عبارة أخرى ممتازة وجميلة وتعزز أيضاً نقطة أن خصوم من يركنوا الحافلة هم أكثر من يستحقوا اللوم على فشلهم ضد تلك الحافلات ، كرويف ذكر متسائلاً ومجيباً :


”إذن ما هو الدفاع ؟ الدفاع هو مسألة تتعلق بكم المساحة التي يجب علي أن أدافع عنها ، إذا كان يجب علي أن أدافع عن هذه الحديقة كاملةً فأنا الأسوء [ كمدافع ] ، إذا كان يجب أن أدافع عن هذه المنطقة الصغيرة فأنا الأفضل [ كمدافع ].“


وهذا ما يفعله ’خصوم الحافلات‘ إن صح التعبير ، يتم اختزال مساحة اللعب في ثلث الملعب الأخير للفريق ’X‘ ، يتم تدوير الكرة من جهة إلى أخرى من قبل الفريق أمام منطقة جزاء الفريق ’Y‘ في ظل تواجد 7 على الأقل من لاعبي الفريق ’X‘ ، ولو فرضنا أن ’X‘ يلعب بنظام 4-3-3 ، فنجد لاعب الارتكاز + ظهيري الفريق على خط واحد + الــ3 في الأمام + متوسطي الميدان ، برهبة تواجد هؤلاء الثمانية من اللاعبين - أو لنقل السبعة على تقدير أقل بحذف أحد الظهيرين مثلاً - أنت تجبر ’Y‘ على الدفاع بـ8 و 9 من اللاعبين ..






لذلك أعود للجملة التي ذكرتها ، لا تلم غيرك على مشكلة ساهمت بحدوثها بصورة مباشرة .. بهذا ’X‘ يجعل من ’Y‘ الأفضل كمدافعين ، وهنا يسهم ’X‘ في صنع المشاكل لنفسه ..

الموضوع أشبه بموقف طريف ولطيف ربما وقعنا به جميعاً ، يسرق منك طفل شيء ما فتقوم باللحاق به إلى أن يصل الطفل إلى زاوية في الغرفة ويضع الشيء بين يديه في ظهره ، مهمة حفاظ الطفل هذا على ما سرقه هي سهلة جداً فليس عليه أن يدافع إلى عن المساحة الضئيلة جداً بين ظهره والشيء والحائط .. الطريف في الأمر أنك حينما تيأس من هذا الطفل وتيأس من قوته في الحفاظ على ما سرق ، ماذا تفعل ؟ تبتعد عن الطفل قليلاً ( التدوير المتأخر للكرة ) ، يبتعد الطفل عن الحائط ( استدراج الخصم وإخراجه من مناطقه ) ، تنقضّ بشكل مفاجئ على الطفل ( التمرير المفاجئ من جهة إلى أخرى أو في العمق ) ، فتشكل خطراً وقد تنال ما تريد .







ذكرت أن هناك ما هو أيسر من تحطيم الحافلة ، وذكرت ”هناك ما هو أيسر“ لأن هناك بالفعل طرق عن طريقها يتم تحطيم الحافلة عبر نقاط معينة ، بعضها معقد ويحتاج للكثير ، مثل أن يكون لديك لاعبين بجودة عالية وذكاء كبير ، لعل مان سيتي في العام الماضي لم يعاني تقريباً إلا مرات قليلة على الرغم من أن الحافلة قد رُكنت أمامهم في مناسبات عديدة ، والأمر عائد لذكاء السيد بيليغريني ولاعبيه وجودتهم في اللعب بشكل أسرع ورتم أعلى وتناقل أسرع للكرة ، كما تميز مان سيتي - وإلى الآن حقيقةً - بنقطة من النقاط البسيطة وهي الكرات العرضية الأرضية الخطيرة جداً ، والتي برأيي المتواضع هي أكثر خطورة وفعالية ضد فرق الحافلات لأن بطبيعة الحال العرضيات الأرضية في كثير من الأحيان حتى لو ارتطمت بالخطأ بأي قدم أو ساق سبقى خطورتها عالية ، كما أنها مربكة للدفاع وهذه نقطة مؤثرة رغم بساطتها وربما سطحيتها ، دون أن ننسى إمكانية أن تكون تلك الحافلات هشّة .. عوامل كثيرة قد تجتمع في نفس الوقت ، وهذا بالمناسبة ما تعلمته مؤخراً في ملاحظة المخطئ في تلقي فريقه لهدف ما ، لاحظت أن عدد 2-3 من اللاعبين وربما أكثر أيضاً يشتركون في الخطأ الذي تسبب في ولوج ذلك الهدف ..

من جانب آخر ، تواجد رأس حربة ذكي جداً ، يتحرك بشكل ذكي جداً بين قلبيْ الدفاع ، يعرف تماماً متى يتحول على الأطراف قليلاً ، شكل حل تمرير ممتاز لحائز الكرة ، ولديه إمكانيات فردية عالية كذلك ، وهذا ما فعله سواريز ضد آبويل في قبرص ..

كما عن طريق الهجمات المرتدة كذلك وعن طريق الضغط المضاد - ترجمةً للمصطلح الألماني ’Gegenpressing‘ والذي تُرجم إلى الإنجليزية إلى ’Counterpressing‘ - أو تبسيطاً يُسمى الضغط المتقدم - أو ’الفوري‘ كما أحب أن أسميه - والذي يمنح صاحبه فرصة الفوز بالكرات في نصف ملعب الخصم ، عن طريقهما بالإمكان تشكيل الخطر ضد فرق ’الحافلات‘ ، كما حدث في هدف روبن القاتل في مرمى ماينس ، وإن كان ماينس لم يكن فريقاً ’حافلياً‘ إن صحت التسمية في لقاءه بايرن .







المقاطع المرفقة :



جزء من مقابلة السيد يوهان كرويف :
هدف بينزيما ضد بايرن على سانتياغو بيرنابيو :
هدف كريستيانو ( الثالث للريال ) ضد بايرن في ميونخ بجودة سيئة ولكن من زاوية ممتازة :
مباراة مان سيتي وويستهام ضمن مسابقة ’Capital One‘ من الموسم الماضي والتي انتهت بفوز مان سيتي بسداسية :
( هدف نيغريدو الأول ودعوة وست هام للضغط ثم كرة طويلة مفاجئة شبيهة بكرة شفايني من توريه إلى المهاجم الإسباني )
( خطورة الكرات العرضية الأرضية في الهدف الرابع لمان سيتي بعد ارتطامها بأحد المدافعين وتحولها لنيغريدو )
( الهدفين الخامس والسادس من كرات عرضية أرضية )
ملخص ما قدمه سواريز ضد آبويل :
http://youtu.be/Fo0YDwfAwpA

ملخص لقاء ماينس وباييرن والذي انتهى بفوز كتيبة بيب بهدفين مقابل هدف ( على Dailymotion ) :
ملخص قصير لمباراة خيتافي وبرشلونة في الليغا والتي انتهت بالتعادل السلبي :











في النهاية ودائماً لا يسعني إلا أن أقدم الشكر لكم على زيارة الموضوع ولجميع من سيقرأ ومن سينشر أو من يساهم في نشر الموضوع ، وأقدم لكم الاعتذار الشديد في حال وردت أخطاء فآخر موضوع كتبته - بغض النظر عن ترجمة مقابلة فان غال - كان منذ 10 شهور ، وفي حال وُفّقت فمن الله سبحانه وتعالى ، وفي حال أخطأت فذلك مني ومن الشيطان ، وكل عام وأنتم بخير بمناسبة العام الميلادي الجديد ، أسأل الله أن يكون عام خير وسعادة على الجميع ..

أدعوكم لزيارة الموضوع السابق والذي كان بعنوان ”كم عدد اللاعبين في لعبة كرة القدم“ :



وصل اللهم وسلم على نبيك وحبيبك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..


Twitter: @ilshuwaib
أحمد الشويب

No comments:

Post a Comment