Wednesday 10 June 2015

”كرة القدم هي كرة وبعض الأصدقاء“ — مقابلة تشافي بعد وداعيته في كامب نو


بسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين ..










بعد أن احتفل بآخر ليغا له يوم السبت، الـ23 من مايو، قبل التتويج بلقب كأس الملك بأسبوع، وبالطبع قبل تحقيق الثلاثية التاريخية، تشافي قابل لويس مارتين من ”El País“ للحديث عن مسيرته في برشلونة ..



”الشيء الوحيد الذي افتقدته هو الهاترك“ —  تشافي يمزح ..







لويس مارتين : 17 عام في الفريق الأول لبرشلونة، ماذا يمنحك هذا؟

تشافي : استمتعت كالطفل، ولكنني عانيت أيضاً، لأنني الآن أشعر بالسعادة والفخر لما حققت وبالطريقة التي أغادر بها، لكن مررت بلحظات سيئة، عانيت كثيراً، للأمانة ..



لويس مارتين : ما هي كرة القدم ؟

تشافي : كرة القدم هي كرة وبعض الأصدقاء، ثم هيا بنا!، لعبة، روندو (تدريب التمريرات السريعة التي يقوم بها الفريق قبل كل حصة تدريبية)، تمرير الكرة هنا وهناك، في الشاطئ أو في حديقتك الخلفية، وأنت تضحك، هذه هي كرة القدم .. الأطفال يمررون الكرة هنا وهناك في ساحة اللعب، هذه هي كرة القدم ..



لويس مارتين : .. وحينما يفوز فريقك، هل ”eso es la hostia“ (هذا هو الأفضل)، كما يقول لويس، صحيح ؟

تشافي : لويس آراغونيس، يا له من رجل عظيم، أتذكره كثيراً وافتقده جداً ..



لويس مارتين : لماذا غادرت ؟

تشافي : بسبب الزمان، عقلي يقول لي أن جسدي يعطيني إشارات، قلبي لا [يعطي إشارات]، قلبي ينتمي للبارسا وسيبقى هنا ..



لويس مارتين : اعتدت على أن تخبئ حقيقة أنك كنت لاعباً للبارسا حينما كنت في المدرسة، لماذا ؟

تشافي : لأنني لم أرد أن يتم النظر لي على أنني مختلف، علمت بأنني لن أتغير، لكنني كنت خائفاً من أن يقولون ’أنظر إلى ذلك الولد، وقع للبارسا والآن يظن أنه مميز‘، لم أرتد بذلة البارسا الرياضية في الشارع لتجنب لفت الأنظار ..



لويس مارتين : ما هو الانطباع الأول لديك حول غرفة ملابس البارسا ؟

تشافي : جالساً بين فيغو وغوارديولا، و نونييز أتى كي يتحدث لبيب، كنت هنالك، بالتأكيد أنا كنت متيقظ لكل شيء، كنت شاباً وخجولاً، النجوم الكبار أمثال بيب، بيتو، لويس، سيرجي، فيغو، ريفالدو، عاملوني بشكل رائع ..



لويس مارتين : السبت احتفلت بالليغا الثامنة لك، فزت بالأولى حينما كان الفريق في فيتوريا وأنت كنت في آلباسيتي ..

تشافي : نعم، هذا صحيح، لعبت 18 مباراة في ذلك الموسم، لكن في آخر مباراة سافر من تم استدعاءه، هذا كان قرار فان غال، ذهبت إلى آلباسيتي مع الفريق ب وشاهدت المباراة هناك، كان هنالك قميص في المتحف الذي بناه آنخيل مور في غرفة الملابس، صنعاه [القميص] آندرسون وريفالدو، كتب عليه ’نحن الأبطال‘، وسجل عليه أسماء كيريك، بوسكيتس، أوكونو، روجر وأوسكار، كل اللاعبين الذين لم يسافروا، لكنني كنت في ”بلاسا سانت جاومي“ (ساحة احتفالات الكوليس)، آخر ليغا تم الاحتفال بها هناك أيضاً، أنا مسن!



لويس مارتين : ماذا كنت ستكون من دون فان غال ؟

تشافي : لقد علمني الكثير، لقد كان يقول لي ’أنت أفضل من زيدان‘، وكنت أجيب ’لا تسرف، ميستر، شكراً، لكن دعنا ألا نبالغ‘، لقد كنت محظوظاً، لقد حظيت بمدربين عظماء، لم نكن عادلين ناحيته، لقد كان مدرباً عظيماً ..



لويس مارتين : بعد ذلك، مرت 5 سنوات لم تفز بها بشيء، ما الذي حدث ؟

تشافي : افتقدنا للجوهر، غيرنا المدربين بكثرة، لم نحظى بأي استقرار حتى جاء ريكارد، ورونالدينيو، حينما فزنا، فعلنا ذلك بالاستحواذ، ولعب الكرة، وكان الهجوم وسيلة الدفاع، وكنا نظهر معدننا ..
لقد كان ”أن نكون أنفسنا“ الحل الوحيد، لو لم نحترم أسلوبنا لا شيء له معنى، وقد تم إثبات ذلك، حينما لم نفز شككنا بأسلوبنا وبعد ذلك لا شيء كان على ما يرام، الفكرة الأولى [بعد الفشل في الفوز رغم البقاء على الأسلوب] كانت بجلب رجل قوي جداً ويبلغ طوله 180 سم، هذا ليس الحل، ما نحتاجه هو لاعبين يفهمون جوهرنا، مفهوم الرجل الثالث (الحر الذي يستلم التمريرة)، التمريرة التي تخلق لك التفوق ..



لويس مارتين : هل ذلك هو السبب في شعورك بأنك وضعت تحت بقعة الضوء [وأصبحت ملحوظاً أكثر] ؟

تشافي : نعم، حينما فزنا الناس امتدحتني، ولكن حينما نخسر كانوا يشككون بكل شيء، وكنت الأول على قائمتهم ..



لويس مارتين : دائماً تقول أن بوسكيتس وبيدرو كانا نموذجين يستحقان أن يُتبعا .. لماذا ؟

تشافي : لأنهم متواضعين، لأنهم يضحون بأنفسهم، لأن لديهم موهبة استثنائية ومنضبطين بشكل عظيم، لكنهم لا يتلقون التقدير وهذا يحبطني .. أعرف حجم العمل المطلوب للوصول للقمة، ولكنهما وصلا هناك، فازا بكل شيء ودائماً وضعوا أنفسهم في خدمة الفريق، مثل جوردي [آلبا]، وكذلك آندريس وبيكيه، هم مثلي ومثل ليو تم امتداحهم، بيدرو وسيرجيو [بوسكيتس] هم لاعبين كرة قدم غير عاديين، قصة بيدرو عجيبة! مهاجم في برشلونة، ترعرع في الأكاديمية، وصل إلى القمة وفاز بكل شيء، يجب أن تنظر إليه وتصفق له وتقول للأطفال ’ تعلموا منه‘، وبوسي؟ لم أرى مطلقاً لاعباً بعبقريته في الملعب ..



لويس مارتين : فزت بليغا في فترة الاستراحة ما بين الشوطين، ودوري وأنت على الأريكة في المنزل، هذا غريب، أ ليس كذلك ؟

تشافي : نعم، فزنا في بالايدوس [ملعب سيلتا] في فترة الاستراحة، في السنة التي كنت بها مصاباً، كانت واحدة من أصعب السنوات، ولكنها جعلتني أتعلم الكثير، تعرضت لإصابة في الرباط في التدريبات في شهر ديسمبر، ركبتي دُمّرت، هنا تعلمت بأنه يجب أن أعتني بنفسي، لم يسبق لي الذهاب إلى الصالة الرياضية قبل هذه الحادثة، كنت أظن أن العمل مع الكرة كاف، لم أرفع أي أوزان، كنت أظن فقط الموهبة تكفي ..
في تلك السنة، بمساعدة إيميلي [ريكارت] والدكتور كوجات أدركت أنني لم أعتني بنفسي، كانت مسيرتي أن تنتهي قبل أوانها، في ذلك الوقت سجل كابديفيلا هدفاً ضد مدريد وذلك منحنا الليغا، كنت في المنزل وأخبرت الشباب ’هيا، يجب أن نحتفل بهذا!‘، وقد فعلنا، على الرغم أنه كانت لدينا مباراة في اليوم التالي في كالديرون ..



لويس مارتين : سنة الثلاثية كانت فريدة من نوعها، صحيح ؟

تشافي : حتى الآن هي أفضل سنة في التاريخ، بسبب كل شيء، الطريقة التي فزنا بها، لم أرى في حياتي كرة قدم كتلك، أشاهد مباريات من ذلك الموسم وأقول في نفسي ’من المستحيل أن تلعب أفضل‘ فزنا في دوري الأبطال بشكل مدوي، سنوات بيب لا تتكرر ..



لويس مارتين : لقد كان [بيب] ثقيل دم بلاعب وأكثر كمدرب ؟

تشافي : لا، يا رجل، لقد استمتعت به، كزميل هو عانى أيضاً، المقارنة بيني وبينه لم تكن ذنبه، لكن كان حملاً على عاتقي أن تُصنف على أنك خليفةً له، لقد كان يخبرني ألا أهتم بذلك، لكنني لم أستطيع ... كوني كنت أكبر وكنت بجانبه فهذا وضع ضغطاً أكبر علي، لكن ذلك ليس ذنبه، لقد كان دائماً جيداً معي ..



لويس مارتين : هل من الصحيح أنك كنت قريباً من الرحيل قبل أن يصبح هو المدرب ؟

تشافي : تلقيت عرضاً من باييرن ميونخ وأردت الرحيل، ذلك صحيح، وأخبرني ’تشافي، لا أستطيع تخيل الفريق بدونك‘، وقلت له : ’حسناً، سأبقى‘، هو مدرب مثير للإعجاب، ربما لأنه رأى الأشياء على بالطريقة مثلها [بالنسبة لي]، فهمنا لكرة القدم متطابق، كل النجوم كانوا مصطفين بجانب بيب في تلك السنوات كان لدينا فريقاً غير عادي، لكن ذلك لم يكن صدفةً، عملنا كثيراً وكنا متفوقين جداً على خصومنا، لدي نظرية: البارسا يجب أن يتفوق على مدريد، وإلا لن نفوز، هم متكاتفين، الصحافة، روح خوانيتو، [الجملة الشهيرة] الـ’cómo no te voy a querer‘ (كيف لي ألا أحبك) .. يجب أن نكون جيدين أو لا شيء، لو كنا في مستوى واحد يستطيعون تعزيز أنفسهم بأمور لا نمتلكها هنا، الأجواء هنا دائماً سلبية، هناك هي دائماً إيجابية ..



لويس مارتين : هل أردت العمل مع يوهان كرويف ؟

تشافي : لا يوجد شيء سأحبه أكثر من هذا، هو مرجعي الكروي حتى لو أنني لم أعمل معه، تخيل؟ .. يوهان غير تاريخ اللعبة، هذا واضحاً، على الأقل في برشلونة ..



لويس مارتين : بين كل الدوريات التي فزت بها، واحدة فقط فزت بها في كامب نو ..

تشافي : حتى لم ألعب، أنديانو [مايينكو] منحني بطاقة صفراء في اللقاء السابق وتم إيقافي ..



لويس مارتين : أسوء ليغا كانت التي مع مرض تيتو ؟

تشافي : هذه السنة وفي السنة التي تلتها، نعم، حينما مات، موسم تيتو كان مؤلماً جداً، لقد كان متطلباً جداً، لقد كان يخبرنا ’100 نقطة، يجب أن نحصل على 100 نقطة‘، لقد كانت سنة صعبة جداً، مزاج غرفة الملابس كان دائماً محبط، فزنا بالليغا بسبب موهبتنا وبسبب أوريلي [آلتيميرا] وجوردي [راورا]، اللذان وضعا قلبهما بها، لقد كانا يشغلان لنا الرسائل الصوتية، قالا لنا أن تيتو قال كذا وكذا، تيتو اتصل بنا ... كان دائماً معنا، تحدثت معه كثيراً، يوماً غضب بسببي، كانت لدي بعض الآلام وأردت اللعب وانتهى بي الحال إلى أنني فاقمت إصابتي ضد ميلان، مباراة بايرن كانت قريبة جداً وأردت اللعب، هاتفني وقال لي: ’لو عرضت نفسك للإصابة مرةً أخرى لن تلعب مطلقاً!‘، لقد كان غاضباً جداً، لقد كانت لديه شجاعة كبيرة، قد كان شجاعاً ..



لويس مارتين : كيف تعاملت مع هذا الموسم ؟ بعد سنوات وسنوات كنت بها أساسياً ؟ وكنت تحظر حفل الفيفا ضمن أفضل تشكيلة ؟

تشافي : كان ذلك صعباً، طبعاً، لكنني تعلمت من زملائي الآخرين الذين لم يلعبوا، الذين كانوا هادئين دائماً وإيجابيين في غرفة الملابس، واحداً من الأمثلة التي أحتذي بها كان دائماً الحارس الاحتياطي، أبداً لم يلعب ودائماً يحتفل كأنه فعل كل شيء، فكرت بخوركيرا، بيبي رينا، رجال عملوا بجد ولم يتذمروا أبداً، على الرغم أنه بطبيعة حال لاعب كرة القدم، كل لاعب كرة قدم أناني، تعلمت منهم، أنظر ..
في فالنسيا تم استبدالي قبل النهاية بـ10 دقائق ثم قفزت للملعب محتفلاً بهدف بوسي، حضنت لويس إنريكي! استبدلني ولم أكن غاضباً أبداً، غيرت عقليتي وطبقت ما تعلمته كطفل: التفكير بالفريق، أردت أن أنهي الموسم مع لقب والآن ... كنت أتحدث لبويول في ذلك اليوم، لم يستطع اللعب ولا الاحتفال حينما غادر، والآن أنظر كيف ودعت كامب نو، إن ذلك رائع، كل قطعة من قطع اللغز سقطت في المكان الصحيح .. لم أعتقد أن وقتي سينتهي بهذه الطريقة، كان ذلك شيء من الأفلام ..



لويس مارتين : لماذا بقيت ؟

تشافي : كانت لدي بعض المشاعر الجيدة، تجاوزت ألم خسارة الليغا في كامب نو من دون ألعب، ألم كأس العالم، الذين كان قاتلاً، علمت بقدوم لويس سواريز، تحدثت مع لويس إنريكي وقد قال لي : ’بيلوبو، فكر جيداً‘، (بيلوبو لقب يلقبه لويس إنريكي لتشافي)، شعرت أنه ستكون سنة جيدة، أخبرت زملائي في الفريق : ’شباب، سأبقى لموسم إضافي، لأن القادم يبدو مشوقاً‘، لويس [إنريكي] عاملني بشكل خارق لأنه لم يكذب أبداً، وهذا أمر عظيم ومشرّف، ربما سأغضب حينما لا ألعب، لكن ما حدث هو العكس، أنا ممتن له لأنه واحداً من الناس الذين فعلوا الكثير لبقائي، استرجعت حماستي، وتحدثت لزوبي، الذي كان أيضاً رائعاً معي، أشعر بالأسف لما حدث له، هذا الدوري أيضاً يحسب له، في اليوم الذي أخبرت به أنني سأغادر أتى إلى منزلي وجعلني أفكر أنه ربما ليس الوقت المناسب للرحيل، الحمد لله أنني بقيت ..



لويس مارتين : هل تتذكر اليوم الذي أتيت لتجتاز به الاختبارات قبل الانضمام للاماسيا ؟

تشافي : طبعاً، والدي كان معي في السيارة وأخبرني : ’افتح عيناك وتعلم! ليس كل أحد ينال هذه الفرصة.‘، قد وقعت، ولكنني لم أعرف .. لكن هذا ما فعلته، التعلم، التعلم، ثم التعلم .. في هذا النادي تعلمت كيف ألعب، وأيضاً كيف أن أكون شخصاً، هنا وفي البيت طبعاً، ممتن للبارسا بكل شيء، كنت سعيداً جداً، لم أتخيل ذلك أبداً ..



لويس مارتين : هل تعرف أحداً برشلوني أكثر منك ؟

تشافي : نعم، طبعاً، أمي ...








في الختام لا يسعني إلا أن أسأل الله أن تنال هذه الترجمة البسيطة جزءاً من استحسانكم .. أقدم اعتذاري إن وردت هناك أخطاء أو بعض من تقصير ..


أدعوكم لزيارة آخر ما دوّنت، مقال بعنوان : ”المشكلة ليست هي المشكلة ، بل هي سلوكك تجاه المشكلة.“
http://ahmedshw.blogspot.com/2014/12/johnny-depp.html

كل الشكر لـ (DianaKristinne@) على ترجمتها غالبية ما جاء في المقال الأصلي من الإسبانية إلى الإنجليزية، ترجمتها :




وصل اللهم وسلم على نبيك وحبيبك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..





Thursday 25 December 2014

• ”المشكلة ليست هي المشكلة ، بل هي سلوكك تجاه المشكلة.“ — Johnny Depp


بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين ..












على الرغم - والمقربين مني يعرفون ذلك جيداً - من ضحالة معرفتي وضآلة إلمامي بالأفلام والمسلسلات والسينما عموماً ، العنوان هو عبارة أعجبتني للممثل الشهير جوني ديب في دور جاك سابارو ، كما قلت لا أعرف شيءاً حول ذلك ، بدليل أنني إلى وقت قريب جداً ظننت أن هذه العبارة منسوبة لآلبرت آينشتاين قبل أن أتأكد فوجدت أنها للممثل الشهير ، ولا أعرف في أي عمل قيلت تلك العبارة ، لكنها جملة جميلة جداً وذكية ..

لعل السيد جوني في هذا القول قد لخص كثير مما أريد قوله حول الموضوع ، والحقيقة إن كثرة النقاشات حول ذلك صراحةً كانت شيءاً ما مشجعةً للعقل كي يفكر أكثر ويخرج بما يخرج به ، وأتمنى أن ما ستقرؤون ينال على شيء من إعجابكم ..

قبل الدخول في صلب الموضوع أقول ، شخصياً - وهذه وجهة نظري المتواضعة والتي قلتها مراراً والتي لا ألزم أحداً بها - لا أعيب على أي مدرب أن يختار استراتيجية لعب معينة ، خصوصاً إذا كانت دفاعيةً ، حتى ولو بالغت في الدفاعية ووصلت إلى ما أريد التحدث عنه ، وهو حول ’ركن الحافلة‘ أو ’Parking the bus‘، هذه الاستراتيجية ، كيفية التصرف أمام هذه الاستراتيجية ، لكن قبل الخوض في غمار ذلك ، دعوني ألقي قليلاً من الضوء حول هذه الاستراتيجية في اللعب ، لن أسهب في تعريفها لكن سأتحدث قليلاً .










هناك من قال أن مصطلح ’ركن الحافلة‘ هو مصطلح وُلد من أب برتغالي وهو السيد جوزيه مورينيو ، في الليلة الشهيرة حيث خسر إنتر بهدف نظيف ضد برشلونة في إياب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا 2009/2010 على كامب نو واحتفل ’المو‘ بتلك الطريقة الشهيرة بعد أن أطاح بالبارسا ووصل إلى نهائي بيرنابيو قبل أن يتوّج باللقب الأهم لأندية أوروبا الكبرى ..

وبعد مراجعة لويكيبيديا قرأت أن المصطلح ظهر قبل ذلك في مباراة بين توتنهام وتشيلسي في 2004 ، شخصياً لا أعتقد أن 2004 شهدت الولادة الحقيقية لهذا المصطلح ، وتقريباً هناك إجماع حول أن هذه الاستراتيجية وُلدت أو على الأقل ظهرت بصورة أوضح في تلك المباراة الشهيرة بين برشلونة وإنتر ، والتي بالمناسبة لم تشهد فقط ولادة هذه الاستراتيجية بل شهدت أيضاً ولادة العداوة الكبيرة والتي لا تزال قائمة لدى قطاع كبير من مشجعي البارسا بينهم وبين السيد جوزيه ، لكن ليس ذلك موضوعنا ..

الاستراتيجية في ظاهرها بسيطة ولكن تطبيقها يحتاج عملاً ذهنياً يكاد يفوق العمل التنظيمي والتكتيكي ..

’ركن الحافلة‘ أو ’Parking the bus هي استراتيجية يتم بها تكوين جدار دفاعي مزدوج ، الأول من الرباعي المعروف أو ربما خماسي أو سداسي ، والثاني من خماسي ( أمام الرباعي ) ، أو رباعي ( أمام الخماسي ) أو يتكون من 3 لاعبين ( أمام السداسي ) ، وأمام هؤلاء التسعة مهاجم وحيد يبعد بشكل ملحوظ عن هذه ’الحافلة‘ من اللاعبين ..






والحقيقة أن السيد مورينيو هو الرجل ربما الأشهر في اتباع هذه الاستراتيجية ؛ لأنه من خلالها استطاع تحقيق أهم النتائج في مسيرة الفرق التي دربها سواء نتائج مؤثرة في تحقيق الألقاب أو حتى نتائج مؤثرة في منح الفرق التي يدربها بعض الثقة دفاعياً وبناء الاستقرار الدفاعي ، الأمر الذي يطمح ’المو‘ إلى ترسيخه في أول موسم له مع فرقه .





بالمناسبة هناك من يخلط بين مفهوم هام جداً في كرة القدم الحديثة خصوصاً وبين هذه الاستراتيجية ، المفهوم هو ترابط الخطوط دفاعياً أو الــ’Compactness‘ ، هناك تشابه شكلياً ربما لكن في المضمون والنية هناك اختلاف ، الترابط هو الطريقة التي يصطف بها الفريق دفاعياً من أجل إغلاق المنافذ مع نية واضحة للارتداد ، ويفعل ذلك آتلتي ، لم يركن آتليتي الحافلة بشكل عام طوال الموسم الماضي وحتى الآن في الحالات الطبيعية ، أقول لم يفعل لوجود نية واضحة للارتداد ، وقد فعل ذلك أيضاً ريال مدريد ذهاباً وإياباً أمام باييرن ..






كما أن الترابط يشمل ثمانية لاعبين ، وليس تسعة ، ومن خلال العدد تتضح النية بشكل واضح ، لاعب واحد إضافي في المقدمة بتواجد الوحيد في استراتيجية ركن الحافلة يضمن للفريق إمكانية الارتداد ، خصوصاً إذا ما كانت عملية ارتداد الفريق سريعة بتواجد لاعبين يمتلكون هذه السرعة .










في لقاء أجريَ مع الأسطورة يوهان كرويف في عام 2008 يتحدث بها عن المنتخب الهولندي في يورو ذلك العام ، قال عبارة رائعة ، كعادة السيد يوهان الذي بصراحة يرفض التوقف عن إعطاء الدروس لجمهور اللعبة الأجمل ، يقول :


”حينما تمتلك الكرة يجب عليك أن تجعل الملعب أكبر ما يمكن ، وحينما تفقد الكرة يجب أن تجعل الملعب أصغر ما يمكن.“


لذلك ربط عقلي بين جملة السيد جوني وبين حديث السيد يوهان ، سلوك برشلونة أو الفرق التي تعاني أمام الخصوم ’الراكنة لحافلاتها‘ هو المشكلة ، ركن الحافلة لا يمكن أن يكون عقبة كبيرة إلا بإسهام كبير وواضح منك أنت ، لا يجب على المرء منا أن يلقي باللوم على آخرين بسبب مشكلة أحدثها بنفسه أو على الأقل هو شريك كبير بها ، اللوم والخلل - برأيي المتواضع - هنا كما قال جوني - أو جاك - هو في السلوك وطريقة التعامل مع المشكلة ..

العجيب في الأمر أن من قال هذه الجملة هو كرويف الأب الروحي لأسلوب البارسا ، ونجد من يخالف هذا الأسلوب هو مبدأ أصيل بل ومحل فخر لدى كثير من الكتلان العشاق لهذا الأسلوب وهو مبدأ امتلاك الاستحواذ في نصف ملعب الخصم ، الأمر الذي يمثل مخالفةً صريحةً لمبدأ كرويف ، وهي في حصر مساحة اللعب أثناء الاستحواذ على نصف ملعب الخصم فقط ، بينما يقول كرويف "اجعل الملعب أكبر ما يمكن" !

من هذا المنطلق أعتقد أن الحل بسيط ، ولا يخلو من الخطورة ، وخطورة ربما أقل من خطورة اللعب في منتصف ملعب الخصم ، وهي تأخير عملية تدوير الكرة أو الــ’Ball circulation‘ لأن تصبح أدنى ما تكون هي على أقل تقدير 30-40 متر أمام حارس المرمى - بافتراض أن الخط الذي يقسم الملعبين يبعد عن الحارس 50 متراً - مع سقوط بعض لاعبي الوسط للخلف لمساعدة الفريق على الحفاظ على الكرة وتبادلها سريعاً ، لاستدراج الخصم وإخراجه من مناطقه ، وهنا تكمن هذه الخطورة حيث تتم دعوة الخصم - ’Inviting pressing‘ - كي يطبق ضغطه ، ولكن ما أن يتم التخلص من الضغط يصبح بالإمكان أن يتم إرسال كرة مفاجئة طويلة إلى أحد الأروقة أو حتى إلى العمق ..






بدلاً من أن تأخذ تلك عملية التدوير الشكل المعتاد ، يركن الفريق الخصم حافلته ، وينتشر الفريق الذي يحاول تفكيك تلك الحافلة بانتشار أشبه بحرف ’U‘ ويتناقل الكرات حوالي هذه الحافلة دون فائدة حقيقية ..

بالمناسبة ، ما حدث في مباراة باييرن وماينس ( في الصورة أعلاه ) جعلني أتعاطف بعد طول عدم استحسان مع نظام لا أحبه بصراحة ومنذ فترة وهو 4-2-3-1 ، سر هذا التعاطف هو أنه بتواجد لاعبي ارتكاز - بيير هويبرغ (#34) وباستيان شفاينشتايغر (#31) في المباراة - سيكون سقوط هذين اللاعبين ولعبهما في مناطق متأخرة أمراً عادياً معتاداً بالنسبة لهما مما يسهل عملية تبادل الكرات في منطقة الثلث الثاني أو الــ’Middle third‘ أكثر ..






إذن برأيي المتواضع ، تحطيم الحافلة هو ليس في محاولة تحطيمها ، تحطيمها يكون أسهل بكثير في تحريكها ، تفكيكها ، تمديدها ، شدّها ، أو ما شئت من الكلمات المؤدية للمعنى .







في نفس المقابلة ، كرويف قال عبارة أخرى ممتازة وجميلة وتعزز أيضاً نقطة أن خصوم من يركنوا الحافلة هم أكثر من يستحقوا اللوم على فشلهم ضد تلك الحافلات ، كرويف ذكر متسائلاً ومجيباً :


”إذن ما هو الدفاع ؟ الدفاع هو مسألة تتعلق بكم المساحة التي يجب علي أن أدافع عنها ، إذا كان يجب علي أن أدافع عن هذه الحديقة كاملةً فأنا الأسوء [ كمدافع ] ، إذا كان يجب أن أدافع عن هذه المنطقة الصغيرة فأنا الأفضل [ كمدافع ].“


وهذا ما يفعله ’خصوم الحافلات‘ إن صح التعبير ، يتم اختزال مساحة اللعب في ثلث الملعب الأخير للفريق ’X‘ ، يتم تدوير الكرة من جهة إلى أخرى من قبل الفريق أمام منطقة جزاء الفريق ’Y‘ في ظل تواجد 7 على الأقل من لاعبي الفريق ’X‘ ، ولو فرضنا أن ’X‘ يلعب بنظام 4-3-3 ، فنجد لاعب الارتكاز + ظهيري الفريق على خط واحد + الــ3 في الأمام + متوسطي الميدان ، برهبة تواجد هؤلاء الثمانية من اللاعبين - أو لنقل السبعة على تقدير أقل بحذف أحد الظهيرين مثلاً - أنت تجبر ’Y‘ على الدفاع بـ8 و 9 من اللاعبين ..






لذلك أعود للجملة التي ذكرتها ، لا تلم غيرك على مشكلة ساهمت بحدوثها بصورة مباشرة .. بهذا ’X‘ يجعل من ’Y‘ الأفضل كمدافعين ، وهنا يسهم ’X‘ في صنع المشاكل لنفسه ..

الموضوع أشبه بموقف طريف ولطيف ربما وقعنا به جميعاً ، يسرق منك طفل شيء ما فتقوم باللحاق به إلى أن يصل الطفل إلى زاوية في الغرفة ويضع الشيء بين يديه في ظهره ، مهمة حفاظ الطفل هذا على ما سرقه هي سهلة جداً فليس عليه أن يدافع إلى عن المساحة الضئيلة جداً بين ظهره والشيء والحائط .. الطريف في الأمر أنك حينما تيأس من هذا الطفل وتيأس من قوته في الحفاظ على ما سرق ، ماذا تفعل ؟ تبتعد عن الطفل قليلاً ( التدوير المتأخر للكرة ) ، يبتعد الطفل عن الحائط ( استدراج الخصم وإخراجه من مناطقه ) ، تنقضّ بشكل مفاجئ على الطفل ( التمرير المفاجئ من جهة إلى أخرى أو في العمق ) ، فتشكل خطراً وقد تنال ما تريد .







ذكرت أن هناك ما هو أيسر من تحطيم الحافلة ، وذكرت ”هناك ما هو أيسر“ لأن هناك بالفعل طرق عن طريقها يتم تحطيم الحافلة عبر نقاط معينة ، بعضها معقد ويحتاج للكثير ، مثل أن يكون لديك لاعبين بجودة عالية وذكاء كبير ، لعل مان سيتي في العام الماضي لم يعاني تقريباً إلا مرات قليلة على الرغم من أن الحافلة قد رُكنت أمامهم في مناسبات عديدة ، والأمر عائد لذكاء السيد بيليغريني ولاعبيه وجودتهم في اللعب بشكل أسرع ورتم أعلى وتناقل أسرع للكرة ، كما تميز مان سيتي - وإلى الآن حقيقةً - بنقطة من النقاط البسيطة وهي الكرات العرضية الأرضية الخطيرة جداً ، والتي برأيي المتواضع هي أكثر خطورة وفعالية ضد فرق الحافلات لأن بطبيعة الحال العرضيات الأرضية في كثير من الأحيان حتى لو ارتطمت بالخطأ بأي قدم أو ساق سبقى خطورتها عالية ، كما أنها مربكة للدفاع وهذه نقطة مؤثرة رغم بساطتها وربما سطحيتها ، دون أن ننسى إمكانية أن تكون تلك الحافلات هشّة .. عوامل كثيرة قد تجتمع في نفس الوقت ، وهذا بالمناسبة ما تعلمته مؤخراً في ملاحظة المخطئ في تلقي فريقه لهدف ما ، لاحظت أن عدد 2-3 من اللاعبين وربما أكثر أيضاً يشتركون في الخطأ الذي تسبب في ولوج ذلك الهدف ..

من جانب آخر ، تواجد رأس حربة ذكي جداً ، يتحرك بشكل ذكي جداً بين قلبيْ الدفاع ، يعرف تماماً متى يتحول على الأطراف قليلاً ، شكل حل تمرير ممتاز لحائز الكرة ، ولديه إمكانيات فردية عالية كذلك ، وهذا ما فعله سواريز ضد آبويل في قبرص ..

كما عن طريق الهجمات المرتدة كذلك وعن طريق الضغط المضاد - ترجمةً للمصطلح الألماني ’Gegenpressing‘ والذي تُرجم إلى الإنجليزية إلى ’Counterpressing‘ - أو تبسيطاً يُسمى الضغط المتقدم - أو ’الفوري‘ كما أحب أن أسميه - والذي يمنح صاحبه فرصة الفوز بالكرات في نصف ملعب الخصم ، عن طريقهما بالإمكان تشكيل الخطر ضد فرق ’الحافلات‘ ، كما حدث في هدف روبن القاتل في مرمى ماينس ، وإن كان ماينس لم يكن فريقاً ’حافلياً‘ إن صحت التسمية في لقاءه بايرن .







المقاطع المرفقة :



جزء من مقابلة السيد يوهان كرويف :
هدف بينزيما ضد بايرن على سانتياغو بيرنابيو :
هدف كريستيانو ( الثالث للريال ) ضد بايرن في ميونخ بجودة سيئة ولكن من زاوية ممتازة :
مباراة مان سيتي وويستهام ضمن مسابقة ’Capital One‘ من الموسم الماضي والتي انتهت بفوز مان سيتي بسداسية :
( هدف نيغريدو الأول ودعوة وست هام للضغط ثم كرة طويلة مفاجئة شبيهة بكرة شفايني من توريه إلى المهاجم الإسباني )
( خطورة الكرات العرضية الأرضية في الهدف الرابع لمان سيتي بعد ارتطامها بأحد المدافعين وتحولها لنيغريدو )
( الهدفين الخامس والسادس من كرات عرضية أرضية )
ملخص ما قدمه سواريز ضد آبويل :
http://youtu.be/Fo0YDwfAwpA

ملخص لقاء ماينس وباييرن والذي انتهى بفوز كتيبة بيب بهدفين مقابل هدف ( على Dailymotion ) :
ملخص قصير لمباراة خيتافي وبرشلونة في الليغا والتي انتهت بالتعادل السلبي :











في النهاية ودائماً لا يسعني إلا أن أقدم الشكر لكم على زيارة الموضوع ولجميع من سيقرأ ومن سينشر أو من يساهم في نشر الموضوع ، وأقدم لكم الاعتذار الشديد في حال وردت أخطاء فآخر موضوع كتبته - بغض النظر عن ترجمة مقابلة فان غال - كان منذ 10 شهور ، وفي حال وُفّقت فمن الله سبحانه وتعالى ، وفي حال أخطأت فذلك مني ومن الشيطان ، وكل عام وأنتم بخير بمناسبة العام الميلادي الجديد ، أسأل الله أن يكون عام خير وسعادة على الجميع ..

أدعوكم لزيارة الموضوع السابق والذي كان بعنوان ”كم عدد اللاعبين في لعبة كرة القدم“ :



وصل اللهم وسلم على نبيك وحبيبك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..


Twitter: @ilshuwaib
أحمد الشويب