Monday 4 November 2013

مئة يوم .. في منزلٍ أرجنتيني

بسم الله , والصلاة والسلام على رسول الله ..


منذ مئة يوم - ويومان - دخلت كرة البارسا منزل رجلٍ غريب ، أحيطت حوله مجموعة من الشكوك حيث أنه يعتبر مغموراً لدى غالبية الجماهير ولكنه إلى الآن يرعى هذه الكرة رعايةً فائقة ورغم ذلك لا تزال هناك بعض الشكوك حول الرجل لدى بعض الجماهير ..




تعيش كرة البارسا في منزل السيد مارتينو آمنةً تماماً كما نلاحظ في كل مرة نزور بها بيته ونرى السيد تاتا بشكلٍ شبه أسبوعي يرعاها ويؤمن لها احتياجاتها , ولكن في كل مرة نرى شيءً جديداً على شكل الكرة , أصبح شكل الكرة يتغير في كل مرة وأصبحنا نلاحظ هذه التغيرات على شكلها وزيّها , دعونا في هذا الموضوع نقف على هذه التغييرات في الشكل واللباس ..




 

التخلي عن الكرة في سبيل كسب المساحات :


لاحظنا في عديد المباريات أن البارسا أصبح أكثر ذكاءاً في التعامل مع الخصم , فأصبحت للبارسا استراتيجية خاصة خارج الميدان , البارسا أصبح يمنح خصمه الكرة , وبطبيعة الحال أي خصم يُمنح الكرة يصبح لزاماً عليه أن يتقدم ويخرج لاعبيه من مواقعهم لأخذ المبادرة والتمركز في الأمام لتشكيل حل لصاحب الكرة , وهذا ما حدث في مباراة رايو , رايو - وهو رابع أفضل فريق في أوروبا في نسبة الاستحواذ - فاز بالاستحواذ ولكن في المقابل خسر المساحات في الخلف عن طريق فقدانه للكرة أمام ضغط البارسا العالي على حامل الكرة , ومن يراجع أهداف اللقاء يجد أن هدفين من الأربعة نتجوا عن فقدان لاعبي رايو للكرة بفعل الضغط العالي أحد الأمور التي عادت للبارسا وهي ليست جديدةً عليه , أصبح البارسا يشتري المساحات بالأستحواذ , أصبح يكرر ما فعله تقريباً كل من أوقفه , يمنح الخصم الاستحواذ ولكن يحرمه من المساحات وفور فقدان الخصم للكرة يتم تطبيق الهجوم المرتد .

 



الهجمات المرتدة .. نقطة قوة جديدة :


قبل التطرق لإضافة السيد مارتينو للهجمات المرتدة كنقطة قوة جديدة , أود التحدث بشيء من التعميم حول الكرات المرتدة , أولاً هذه النقطة هي نتيجة مباشرة لتخلي البارسا عن الكرة وجعل المنافس يحوز الكرة ويتنقالها في وسط ميدان البارسا , فما أن يفشل الخصم في الحفاظ على الكرة , إلا وقد يكون للبارسا فرصة كبيرة لتطبيق هجوم مرتد له نسبة عالية من النجاح .

أسلوب الكرات المرتدة هو من أسهل الأساليب التي يمكن أن يتأقلم عليها أي فريق مهما كانت إمكانياته على المستويين البدني والفني , ولكن في المقابل هناك تعويل كبير على سرعة اللاعبيْن - عادةً يكونا لاعبيْن في الأمام - في استغلال المساحات والركض بها في الأمام , قبل بدأ العملية هناك أمر هام جداً وهو ضرورة الوقوف السليم وإغلاق المساحات ؛ لأنه بطبيعة الحال أنت ستجلب الخصم إلى نصف ملعبك , فبالتالي سوف تضع في عين الاعتبار أن هذا الخصم سيبحث عن المنافذ للمرور .

هناك عدد محدد مُسبقاً من المدرب هم المطالبون بالجري السريع إلى الأمام فور بدأ العملية , لاعبين كـ رونالدو أو دي ماريا في الملكي ريال مدريد كان لهم فضل كبير تقريباً في كل مرتدة قام بها "ريال مورينيو" , نعود للبارسا ونعود السيد تاتا ومرتداته .

بعد أن اختار السيد تاتا أن يعتمد المرتدات أسلوباً جديداً له , أصبح السيد تاتا مطالباً بتنفيذ ما تتطلبه عملية الهجوم المرتد الناجحة وما يُتطلب قبلها وهو الوقوف في الخلف وإغلاق المساحات وبعد ذلك اختيار اللاعبيْن المحددين لأجل تنفيذ الهجمات المرتدة وبالتأكيد إن تحدثنا عن ذلك فإننا نشير إشارةً غير مباشرة للنجمين اللاتينيين آليكسيس سانتشيز ونيمار جونيور.

ومن يراقب مرتدات البارسا يعلم تماماً دور هذان اللاعبين , خصوصاً سانتشيز الذي سجل من مرتدة ضد الريال وصنع آخر ضد سيلتك , وكلاهما هدفان ضمنا الفوز للفريق .

 



الكرة المباشرة واختفاء الاستحواذ السلبي " بارسا تيتو "  :


أصبح من الملاحظ تماماً لدى الجميع تحويل كرة قدم البارسا إلى كرة مباشرة تماماً ممزوجة بالاستحواذ وهذا يذكرنا حقيقةً بالمرعب , " باييرن - طيب الذكر - هاينكس " , هكذا كان باييرن السنة الماضية , دفاع ممتاز واستحواذ ليس بالغ العلو , ولكن هناك فعالية كبيرة لدى الفريق وتنوع في أساليب تهديد الخصم , من لعب مفتوح , كرات مرتدة , ولكن الفرق طبعاً كبير بين "بارسا تاتا" حتى الآن وباييرن السيد يوب هاينكس أن الأخير كان قوياً في الصراعات الهوائية وقاتلاً على مستوى الكرات العرضية , تتضح كرة البارسا المباشرة في أول لقاء - تصوّروا ! - ضد ليفانتي , الكرة كانت سهلة تماماً , سُجلت العديد من الفرص التي تم صُنعها ولا زالت هذه الكرة المباشرة تتضح يوماً بعد يوم , فقد قلت عدد اللمسات التي تسبق الأهداف , وهذا يظهر في أهداف مباراة رايو - نعود دوماً لهذه المباراة لأنها مرجعية في مسيرة السيد تاتا - ومباراة سيلتا كذلك .

 



التحفظ الدفاعي خارج الأرض ( ما يسبق الهجوم المرتد في أحيان كثيرة ) :


 


الكل لاحظ مستوى الفريق في المباراة ضد أوساسونا , بقي الفريق في مناطقه وانضم بوسكيتس لرباعي الدفاع في لقطات كثيرة - ليست فقط اللقطة المرفقة مع هذه الفقرة - فأصبح الفريق يظهر وكأنه يلعب بخماسي دفاع أمامهم ثنائي متوسط ميدان متوسط ميدان مكون من تشافي إنييستا رفقة سيسك , نيمار وبيدرو في الهجوم حينها , كذلك في مباراة سيلتا حينما مال السيد تاتا في الشوط الثاني للعب بثنائي ارتكاز مكون من بوسكيتس وسونغ أمامهما سيسك الذي نال حرية كبيرة في الشوط الثاني فسجل هدفين يظهر منهما وكأنه لاعب ( #10 ) كلاسيكي , وفي الشوط الثاني أكمل إنييستا مشوار فابريغاس في الشوط الثاني في الدقيقة ( 70' ) واستطاع إنييستا تمرير ( 26 ) تمريرة كلها صحيحة في ظرف قرابة الـ ( 20 ) دقيقة .




تغيير طريقة الرقابة في الضربات الركنية :

 

 

إحدى الأمور التي استجدت مع السيد تاتا هي طريقة الرقابة ضد الضربات الركنية , اعتدنا مع السادة غوارديولا وتيتو فيلانوفا على طريقة رقابة المنطقة أو الـ " Zonal Marking " , رقابة المنطقة هي أشبه بعمل طوق أو سور حوالي حارس المرمى لمنع الكرة من الوصول إليه , كما موضح بالصورة , أما الرقابة الفردية أو الـ " Man Marking " هي مراقبة كل لاعب للخصم بشكل فردي , كلا الطريقتين تشتركان في وضع لاعب قريب من القائم الذي ستنفذ الضربة الركنية من جهته لصد الكرات القريبة من الأرض , ولاعب آخر يكون خلفه مباشرةً يأخذ المبادرة ويتقدم ويقفز من أجل صد الكرات العالية ومنعها أصلاً من الوصول لأحد اللاعبين , إحدى الملاحظات التي لاحظتها أن الفرق التي تطبق الـ " Zonal Marking " تجد صعوبة في صنع عمليات مرتدة بسبب تكدس عدد من المدافعين في المنطقة , بينما في الـ " Man Marking " يوجد عدد محدد من اللاعبين المراقبين وبالقرب من المنطقة هناك لاعبين مسؤولين عن نقل الكرة لبدء هجوم مرتد سريع , كما سنشاهد في الصورة تواجد رجلا الكرات المرتدة حتى الآن وهما نيمار وسانتشيز .

 






التغير في مستوى بعض اللاعبين :

  

 

مَن مَنا لا يلاحظ القفزة الكبيرة في مستوى أحد اللاعبين الذين لم يعد التخلي عنهم - وقد كانت فكرة في الماضي القريب جداً - فكرةً مقبولة لدى غالبية مشجعي البارسا , آليكسيس سانتشيز استطاع فرض نفسه بصورة كبيرة على السيد تاتا مارتينو أولاً وعلى غالبية - كي لا نقول جميع - المشجعين الذين فقدوا أصواتهم وهم يطالبون برحيله في يومٍ من الأيام , سانتشيز أظهر ما بوسعه أن يقدمه من إضافة كبيرة على المستويين التكتيكي والفني , فيعتبر آليكسيس حالياً أهم عنصر يعتمد عليه السيد تاتا - بالشراكة مع نيمار - في تنفيذ الهجمات المرتدة وسرعة انتقال الفريق أو ما يعرف بـ الـ " transition Quick " في كرة القدم أو الانتقال السريع , مهم جداً أن تكون لديك في سرعة انتقال كي تستغل حالة عدم التنظيم في الفريق الخصم , الهجوم المرتد يمر بعدة مراحل , استخلاص الكرة , بداية الجري , البحث عن اللاعب الأفضل تموقعاً وإرسال الكرة الحاسمة ثم تسجيل الهدف , آليكسيس سانتشيز يعتبر لاعباً مفصلياً في هذه العملية في أغلب الأوقات , ففي أحيان يكون هو الرجل صاحب التمريرة الحاسمة وفي أحيان أخرى يكون هو المعني بإنهاء العملية في المرمى .

من جانب آخر هناك تغير ملحوظ على مستوى النجم ليونيل ميسي , هناك من يعتبر هذا التغير في المستوى تغيراً سلبياً وهناك من يعتقد أن الفريق بدأ يستفيد أكثر من لاعبين آخرين بتغييب ميسي - ولو بشكلٍ طفيف - عن الصورة التي تحتوي اللاعب الحاسم أو مسجل الهدف , مشاركة ميسي في الجناح الأيمن أصبحت تمنح اللاعب الذي يأخذ مكانه في العمق حريةً أكبر باعتبار أن تواجد ميسي في أي مكان في الملعب يجلب حوله عدد من اللاعبين - ما يُسمى بـ الـ " Dragging " - مما يدع اللاعب في موقع الـ ( #9 ) حراً طليقاً خالياً من الرقابة وهذا ما حدث في الشوط الأول من الكلاسيكو , حيث نال سيسك فابريغاس مساحة كبيرة من التنقل الحر في الخلف بسبب مراقبة سيرجيو راموس - الذي كان ارتكازاً فقط لإيقاف ميسي - ولكن فوجئ الجميع بأن ميسي وُضع في الجهة اليُمنى ما أفسد خطة السيد آنشيلوتي , ولكن سيسك فابريغاس لم يشغل المساحة الممنوحة للاعب الـ ( 9 الوهمي ) بشكل كبير , السبب في ذلك هو أن السيد تاتا وجد في عودة سيسك للخلف للتموقع بين تشافي وإنييستا حلاً في كسب الكرة في وسط الميدان ومنع لاعب خطير كمودريتش من أن يأخذ حريته في نقل الكرة . 


 



المقاطع المرفقة :



ملخص مباراة رايو - برشلونة , بتعليق الرائع ري هودسن :

http://youtu.be/beKMsXOy5zU

ملخص مباراة سيلتا - برشلونة :

http://youtu.be/cIeVd_Yxd04

هدف فابريغاس ضد سيلتك من هجوم مرتد :

http://vimeo.com/77901064

هدف سانتشيز ضد ريال مدريد من هجوم مرتد :

http://vimeo.com/77901064




بالنهاية , أتمنى أن يكون الموضوع قد نال استحسانكم , واعتذر منكم لو وردت الأخطاء , فإن أصبت فبفضل الله وإن أخطأت فمني ومن الشيطان ..




|| أحمَد الشويّب ||

 

No comments:

Post a Comment